بقلم:كمال خلف
بعد مقتل عدد من النازحين السوريين الموقفين لدى الجيش اللبناني ، بدأت عاصفة انتقادات من قبل منظمات دولية تطالب بالتحقيق في ظروف مقتلهم ، ترافق هذا من ارتفاع منسوب السجال بين القوى اللبنانية حول ضرورة التحدث إلى دمشق للتنسيق معها فيما تعتبره لبنان أزمة النزوح السوري وما يمثله من أعباء اقتصادية وأمنية . يمثل موقف تيار المستقبل الذي يتولى زعيمه سعد الحريري رئاسة الحكومة الحالية في لبنان ومعه حلفاء آخرين عقبة أمام هذا التواصل مع الحكومة الجارة . الملاحظ خلال هذا السجال الراهن على خلفية مقتل النازحين السوريين ، أن خطاب تيار المستقبل لم يتغير او يتطور تجاه سوريا رغم كل التطورات التي طرأت على مجريات الحرب هناك ، ورغم التغير الذي طرأ على مواقف العديد من الدول في الإقليم والعالم ، بل لدى شخصيات وازنه في المعارضة السورية ، تماشيا مع المتغيرات التي اعترت المشهد السوري . فما كان في 2011 مختلف عنه اليوم بدرجة كبيرة . أصبح إسقاط النظام في سوريا بالقوة العسكرية أمرا بعيد عن التداول ، وباتت المناطق السورية المحاذية للبنان مستقرة بيد الجيش السوري . ورغم أن خطاب تيار الحريري ومن معه بقي على حاله تجاه سوريا حتى باستخدام مفردات 2011 وكأن قادة التيار غير متابعين للأحداث ، إلا أن الحقيقة تقول غير ذلك . فالحكومة التي يرأسها سعد الحريري زعيم تيار المستقبل ، لا تعترف إلا بالوثائق الصادرة عن الحكومة السورية ( جوازات سفر ، شهادات ، تأشيرات ، الخ ) . بل إن ذات الحكومة تشتري اليوم الكهرباء من سوريا ، ولديها سفارة في دمشق وسفارة سوريا في لبنان تعمل بشكل اعتيادي وهذه أمثلة عن علاقة بلدين لم تنقطع خلال سنوات الحرب إلا بالاعلانات السياسية لهذه الحكومة ومن سبقتها . إذا لماذا يرفض تيار المستقبل ورئيس الحكومة التحدث إلى دمشق والتنسيق في مسألة النازحين السوريين ، وهي شكوى لبنانية يصفها الجانب اللبناني بأزمة النزوح . ربما الجواب يكمن في ما قاله السيد الحريري بأنه لايريد أن يعطي” جائزة مجانية للرئيس الأسد ” ، دون حساب للداخل اللبناني أو مصالح لبنان . الجائزة التي يتحدث عنها الحريري هي ليست في الحوار مع الطرف السوري بحد ذاته ، إذ لا ينتظر الرئيس الأسد بشوق فتح حوار أو تنسيق مع الحريري ، هو قائم اصلا كما ذكرنا مع لبنان الدولة ، إنما المقصود هو عدم إنهاء ملف اللجوء في لبنان عن طريق الحكومة السورية وهو ما سيكون بمثابة إعلان سقوط ورقة ضغط كانت منسقة مع أطراف إقليمية في بداية الأحداث في سوريا في سياق نزع الشرعية عن النظام في سوريا وخلق أزمة دولية عنوانها الاجئين السوريين . لا يستطيع الحريري أخذ القرار منفردا بالتخلي عن الجزء اللبناني من ملف اللجوء السوري ، حتى لو كان هذا القرار يحل أزمة مستعصية كما يصفها اللبنانيون ، خاصة أنه اليوم على رأس الحكومة اللبنانية . ولهذا لم يجد قادة التيار وحلفاؤهم تبريرا إلا استدعاء خطاب 2011 ، إضافة إلى مبرر خوف السوريين من العودة إلى وطنهم . الرئيس اللبناني ميشل عون خصص مبعوثا رئاسيا لدمشق هو اللواء عباس ابراهيم المدير العام للأمن العام كما قالت وسائل إعلام لبنانية ، قد يشكل ذلك حلا وسطا يمنع حرج رئيس الحكومة، ويجد مخرجا له أمام القوى الإقليمية الحليفة ، إلا أن هذه القناة الرئاسية ستبحث أمورا في دمشق تحتاج حتما لتواصل بين الوزارات والمؤسسات في البلدين . وهذا في صلب عمل الحكومة اللبنانية التي يرأسها الحريري . فهل سيرضي الحريري الحلفاء في الإقليم بخطاب 2011 وتمسكه برفض التعامل مع دمشق ، بينما يغمض عينيه عن مسار الرئيس ميشل عون ، ويسهل له فتح الطريق إلى دمشق . إذا كان غير ذلك فلبنان مقبل على ارتفاع في منسوب الخلاف حول هذه القضية . بقي أن نقول أنه في تقديرنا لم يعد هناك مبررا لوجود النازحين السوريين في لبنان ، خاصة اؤلئك في مخيمات البؤس و الحرمان . إذ باتت كافة المناطق المحاذية للبنان مستقرة ، وأن كان ثمة مطلوبين لقضايا أمنية فبإمكانهم تسوية أوضاعهم ، كما يفعل كل المسلحين الراغبين بالعودة إلى حياتهم الاعتيادية ، وهذا كما نعرف متاح عن طريق سفارة سوريا في لبنان أو عن طريق المعابر الحدودية . وحتى المساعدة المالية التي يتلقى النازحون السوريون في لبنان من المنظمات الدولية ، فممكن أن يحصلوا عليها وهم داخل بلادهم . إن ارتفاع مستوى الخطاب العنصري في لبنان من بعض النخبة السياسية والإعلامية كما هو حال معظم العامه ، يجعل من الأفضل لكل سوري لاجيء أن يعود إلى حضن بلاده .”” بلادي وأن جارت علي عزيزة وأهلي وان ضنوا علي كرام “”
بعد مقتل عدد من النازحين السوريين الموقفين لدى الجيش اللبناني ، بدأت عاصفة انتقادات من قبل منظمات دولية تطالب بالتحقيق في ظروف مقتلهم ، ترافق هذا من ارتفاع منسوب السجال بين القوى اللبنانية حول ضرورة التحدث إلى دمشق للتنسيق معها فيما تعتبره لبنان أزمة النزوح السوري وما يمثله من أعباء اقتصادية وأمنية . يمثل موقف تيار المستقبل الذي يتولى زعيمه سعد الحريري رئاسة الحكومة الحالية في لبنان ومعه حلفاء آخرين عقبة أمام هذا التواصل مع الحكومة الجارة . الملاحظ خلال هذا السجال الراهن على خلفية مقتل النازحين السوريين ، أن خطاب تيار المستقبل لم يتغير او يتطور تجاه سوريا رغم كل التطورات التي طرأت على مجريات الحرب هناك ، ورغم التغير الذي طرأ على مواقف العديد من الدول في الإقليم والعالم ، بل لدى شخصيات وازنه في المعارضة السورية ، تماشيا مع المتغيرات التي اعترت المشهد السوري . فما كان في 2011 مختلف عنه اليوم بدرجة كبيرة . أصبح إسقاط النظام في سوريا بالقوة العسكرية أمرا بعيد عن التداول ، وباتت المناطق السورية المحاذية للبنان مستقرة بيد الجيش السوري . ورغم أن خطاب تيار الحريري ومن معه بقي على حاله تجاه سوريا حتى باستخدام مفردات 2011 وكأن قادة التيار غير متابعين للأحداث ، إلا أن الحقيقة تقول غير ذلك . فالحكومة التي يرأسها سعد الحريري زعيم تيار المستقبل ، لا تعترف إلا بالوثائق الصادرة عن الحكومة السورية ( جوازات سفر ، شهادات ، تأشيرات ، الخ ) . بل إن ذات الحكومة تشتري اليوم الكهرباء من سوريا ، ولديها سفارة في دمشق وسفارة سوريا في لبنان تعمل بشكل اعتيادي وهذه أمثلة عن علاقة بلدين لم تنقطع خلال سنوات الحرب إلا بالاعلانات السياسية لهذه الحكومة ومن سبقتها . إذا لماذا يرفض تيار المستقبل ورئيس الحكومة التحدث إلى دمشق والتنسيق في مسألة النازحين السوريين ، وهي شكوى لبنانية يصفها الجانب اللبناني بأزمة النزوح . ربما الجواب يكمن في ما قاله السيد الحريري بأنه لايريد أن يعطي” جائزة مجانية للرئيس الأسد ” ، دون حساب للداخل اللبناني أو مصالح لبنان . الجائزة التي يتحدث عنها الحريري هي ليست في الحوار مع الطرف السوري بحد ذاته ، إذ لا ينتظر الرئيس الأسد بشوق فتح حوار أو تنسيق مع الحريري ، هو قائم اصلا كما ذكرنا مع لبنان الدولة ، إنما المقصود هو عدم إنهاء ملف اللجوء في لبنان عن طريق الحكومة السورية وهو ما سيكون بمثابة إعلان سقوط ورقة ضغط كانت منسقة مع أطراف إقليمية في بداية الأحداث في سوريا في سياق نزع الشرعية عن النظام في سوريا وخلق أزمة دولية عنوانها الاجئين السوريين . لا يستطيع الحريري أخذ القرار منفردا بالتخلي عن الجزء اللبناني من ملف اللجوء السوري ، حتى لو كان هذا القرار يحل أزمة مستعصية كما يصفها اللبنانيون ، خاصة أنه اليوم على رأس الحكومة اللبنانية . ولهذا لم يجد قادة التيار وحلفاؤهم تبريرا إلا استدعاء خطاب 2011 ، إضافة إلى مبرر خوف السوريين من العودة إلى وطنهم . الرئيس اللبناني ميشل عون خصص مبعوثا رئاسيا لدمشق هو اللواء عباس ابراهيم المدير العام للأمن العام كما قالت وسائل إعلام لبنانية ، قد يشكل ذلك حلا وسطا يمنع حرج رئيس الحكومة، ويجد مخرجا له أمام القوى الإقليمية الحليفة ، إلا أن هذه القناة الرئاسية ستبحث أمورا في دمشق تحتاج حتما لتواصل بين الوزارات والمؤسسات في البلدين . وهذا في صلب عمل الحكومة اللبنانية التي يرأسها الحريري . فهل سيرضي الحريري الحلفاء في الإقليم بخطاب 2011 وتمسكه برفض التعامل مع دمشق ، بينما يغمض عينيه عن مسار الرئيس ميشل عون ، ويسهل له فتح الطريق إلى دمشق . إذا كان غير ذلك فلبنان مقبل على ارتفاع في منسوب الخلاف حول هذه القضية . بقي أن نقول أنه في تقديرنا لم يعد هناك مبررا لوجود النازحين السوريين في لبنان ، خاصة اؤلئك في مخيمات البؤس و الحرمان . إذ باتت كافة المناطق المحاذية للبنان مستقرة ، وأن كان ثمة مطلوبين لقضايا أمنية فبإمكانهم تسوية أوضاعهم ، كما يفعل كل المسلحين الراغبين بالعودة إلى حياتهم الاعتيادية ، وهذا كما نعرف متاح عن طريق سفارة سوريا في لبنان أو عن طريق المعابر الحدودية . وحتى المساعدة المالية التي يتلقى النازحون السوريون في لبنان من المنظمات الدولية ، فممكن أن يحصلوا عليها وهم داخل بلادهم . إن ارتفاع مستوى الخطاب العنصري في لبنان من بعض النخبة السياسية والإعلامية كما هو حال معظم العامه ، يجعل من الأفضل لكل سوري لاجيء أن يعود إلى حضن بلاده .”” بلادي وأن جارت علي عزيزة وأهلي وان ضنوا علي كرام “”
إرسال تعليق