شبكة المدى/ الفنية/ حاوره/ سريعة سليم حديد:
لم تكن الموهبة لتظهر لولا تلك الإحاطة الكبيرة من معالم الجمال, التي أرخت بظلالها على شخصية الفنان المبدع الدكتور: حازم ناجي عجيل الحديثي. فقد ترعرع في أسرة نهجت نحو الفن التشكيلي بشكل لافت, وكذلك ترك الفنانون المحيطون به أثراً عميقتاً في نفسه, مما دفعه ليشق طريقاً مميزاً عابراً بذلك كل الصعوبات, ومحاولاً قدر المستطاع بناء شخصيته الفنية المتميزة ليترك اسماً عريقاً على الساحة الفنية التشكيلية. فهو عضو نقابة الفنانين العراقيين, وعضو جمعية التشكيليين العراقيين, وعضو رابطة المبدعين العراقيين.. وكان له الكثير من المعارض الشخصية والمشتركة لينال بذلك متابعة لافتة من المهتمين بالحركة الفنية التشكيلية, فكان لنا معه الحوار التالي:
ـ لكل فنان بيئته الخاصة التي تترك أثرها في نفسه, وبالتالي ترسم داخله الخطوط الأولى نحو الموهبة, فما الذي حفَّز دافع الفن لديك؟
ــ عشت وتربيت في عائلة من عوائل مدينة حديثة العريقة، وكان لطبيعة وجمال مدينتي الأثر البالغ في نشأتي الفنية، وقد يجد من يشاهد لوحاتي بما تحمل من معالم المدرسة الواقعية أثراً كبيراً من تلك البيئة, تجلى في تجسيد طبيعة تلك المدينة. فاللوحات التي رسمتها كانت شواهد من جنة عدن من قضاء عانة وصولاً إلى قضاء هيت هذا الامتداد من الجمال ترك وقعاً كبيراً في نفسي..
لقد عشت طفولتي أمام النواعير وبين البساتين والحقول, مما هيأ لي أرضية لنشوء الفن لدي, وما عزز ذلك ممارسة أخي للفن, لكنني بفقدي إياه باستشهاده ــ رحمه الله ــ خسرت أهم روافد الإبداع في حياتي., كما أنني تأثرت بأستاذي خلف الحديثي, فقد كان مبحراً بالفن بشكل كبير, وتأثرت أيضاً بالفنان فائق حسن, وكذلك جواد سليم صاحب النصب التذكاري في ساحة التحرير في بغداد.
ــ أقمت العديد من المعارض الشخصية والمشتركة, وكذلك المعارض الافتراضية التي تقوم على التواصل الألكتروني فأيها كان له الأثر الأكبر في نفسك؟
ــ بلا شك كانت للمعارض بشكل عام آثاراً طيبة في نفسي وخاصة المعارض الألكترونية, حيث أتيحت لي الفرصة للاطلاع والمشاركة في معارض الفن التشكيلي العالمي, وبالتالي هناك من اطلع على أعمالنا نحن الفنانين بشكل عام, مما فتح لي الفرصة لنيل العديد من شهادات الدكتورا الفخرية ومرتبة سفير للفن في مواقع عالمية لها أهميتها على أرض الواقع.
كذلك للمعارض الشخصية الأثر البالغ في نفسي وخاصة معرضي الأول "شواهد من جنة عدن" فيعتبر بالنسبة لي حصاد السنين وانطلاقة لجميع معارضي الشخصية والمشتركة اللاحقة. جسدت فيه لوني وهويتي الفنية لأعطي فكرة واضحة عن موهبتي والتطور والمستوى الخاص بي. وهنا يحضرني معرضي الذي أقمته في في بغداد وهو بعنوان مرايا وطن, وقد لاقى صدى منقطع النظير, جسدت فيه الشناشيل البغدادية والبصراوية, وعرَّجت على الأهوار ووصلت شمال البلاد بما تحمل من سحر الطبيعة الجبلية
ــ خضت تجربة الفن الواقعي في لوحات كثيرة, فما الذي جعلك تندفع لرسم المزيد منها, وما الذي وجدته فيها ولم تجده في غيرها, حتى أصبحتَ تمتاز بها إلى حد كبير؟
ــ الفن الواقعي يعتبر الصورة الأوضح إذ يعكس ثقافات وطبيعة وحضارة أي مجتمع فضلا عن أنه يعكس دقة الفنان وموهبته الكاملة بصورة أكبر مما هي عليه في بقية الألوان الفنية.
مدينتي حديثة بما تمتلك من ثراء في الجمال إضافة إلى باقي المدن العراقية, كل هذا لا بد من أن يشكّل لدى الفنان أرضية خصبة, تنمي في داخله معالم الجمال الواقعي الذي يحيط به, أضف إلى ذلك المعالم الأثرية والأزياء والطقوس الشعبية التي تزخر فيها المجتمعات العراقية, تدفع الفنان بشكل غير مباشر للخوض في غمار المدرسة الواقعية.
ــ الفن التشكيلي النسائي بدأ يحضر على الساحة الفنية التشكيلية بشكل عام, فهل برأيك أن المرأة استطاعت الوصول إلى ما وصل إليه الفنان الرجل من مستو عال في الفن؟
4. غالبا ما نجد أن الأعمال الفنية النسائية ذات شفافية أكبر وغالبا ما تعبر عن شخصية الفنانة أكثر من الأعمال الخاصة بالفنانين الذين يعبرون عما يرونه أكثر مما يدور في أذهانهم. ولكن ما تزال الفنانة التشكيلية بشكل عام بحاجة إلى مزيد من الخبرة مقارنة بما نجده في الفن التشكيلي عند الرجال.
ففي بداية انطلاق الفن التشكيلي لم يكن للمرأة وجود, ولكن بدأت تظهر في مرحلة الأربعينيات والخمسينيات مثل الفنانة نزيه سليم, علماً أن العديد من النساء خضن تجارب عدة من المدارس التشكيلية المعروفة إلا إنهن لم يصلن بعد إلى ما هو مطلوب.
ــ لكل فنان ذوقه الخاص في التعامل مع الألوان, فأي الألوان أقرب إلى نفسك, وأيها تجده حاضراً يعبر بمتعة عما يجول بداخلك من إبداع ومتعة؟
ــ بما أنني أرسم في مجال المدرسة الواقعية, فهذا النوع من الفن التشكيلي يحدد لي بشكل غير مباشر اعتماد الألوان الباردة كالأزرق والأخضر, ولكن تجربة الرسم عن فلسطين وفق المدرسة التجريدية تفرض على الفنان استعمال الألوان الحارة كالأحمر لأن طبيعة الموضوع يتطلب ذلك.
ــ ما الذي يميز الفنان التشكيلي العراقي عن غيره من فناني الوطن العربي برأيك, ولماذا؟
ــ المميز فيه أنه صاحب روح وطنية, ويظهر ذلك بشكل واضح من خلال مجموع الأعمال الفنية التي تعرض في الساحة الفنية المحلية التي معظمها يعبر عن الوطن من طبيعة وجمال وتراث وحضارة ومعاناة..
الفنان العراقي مثله مثل أي فنان عربي, يمتلك شموخاً وعزة نفس, لكن الظروف التي مرَّ بها صقلت شخصيته, وجعلته أكثر صلابة, فكما هو معروف عنه أنه النخلة العراقية بما تحمل من صمود وجمال وأصالة.
إرسال تعليق