ماحدث ليس نهاية حكومة، بل نهاية اليمن الموحد، وتوسُع سيطرة وحكم الحوثي وسكان عدن قلقون من  ………


شبكة المدى/ متابعات يمنية من عدن جنوب اليمن:

اعتبرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، ان معارك مدينة عدن الأخيرة في جنوب اليمن بين ما يسمى بالمجلس الجنوبي الانتقالي المدعوم مالياً والمسنود عسكرياً من دولة الإمارات المحتلة لجنوب اليمن حالياً وبين القوات التابعة لحكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي المدعومة من السعودية، كشفت هشاشة التحالف السعودي الإماراتي واختلاف الأجندة لدى البلدين، اللذان يتزعمان العمليات العسكرية في اليمن منذ 3 سنوات بذرائع مقاتلة قوات الحوثيين وحماية شرعية هادي.

وعلى مدى أيام، اشتبك الانفصاليون الجنوبيون مع شركائهم الموالين للقوات الموالية للرئيس عبد ربه منصور هادي، واستولوا لفترة قصيرة على عدن.

الجانبان المتقاتلان ينتميان إلى نفس قيادة التحالف السعودي الإماراتي، التي تقاتل المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران، الذين سيطروا على العاصمة صنعاء ومعظم المناطق الشمالية وأطاحوا بحكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي، قبل نحو ثلاث سنوات.

وأشارت "واشنطن بوست" الى أن القتال الذي دار في عدن يكشف إلى أي مدى تلعب العداوات التاريخية دوراً مهماً في حرب اليمن، وقد تمثِّل هذه العداوات عقبات خطيرة في وجه التفاوض نحو إنهاء النزاع، وفقاً لمحللين يمنيين وغربيين. كما كشف تحرك الانفصاليين الميداني في جنوبي اليمن النقابَ عن التصدُّعات العميقة وتبدل الولاءات، في البلد الذي تعصف به الحرب.

وسعى الإنفصاليين الجنوبيين الذين شكلوا ما يعرف بالمجلس الانتقالي الجنوبي، سعوا منذ فترة إلى ما يسمونه إستعادة دولة جنوب اليمن التي يرون أنها كانت قائمة قبل توحيد اليمن عام 1990، وقد كان الجنوبيون يشتكون من الحكومة المركزية في شمال اليمن، متهمين إياها بالفساد وتقويض حقوق الجنوب، حيث رأى محللون أن هذا العنف الذي شهدته عدن هو نتيجة تلك التوترات التي طال أمدها.

تناقض الأجندات
وبعد يومٍ من حصار الانفصاليين الجنوبيين للقصر الرئاسي في عدن، أرسلت السعودية والإمارات مبعوثهما من أجل نزع فتيل العداوات والاتفاق على وقفٍ لإطلاق النار. وبيّنت "واشنطن بوست" أن السعودية هي الداعم الرئيسي للقوات الموالية لهادي. والإمارات هي الداعم الرئيسي للانفصاليين، تُشرف على تدريبهم وتُنسِّق معهم عن كثب في قتالهم ضد الحوثيين والمتطرفين الإسلاميين.

وقالت نيسان لونغلي، المختصة بالشأن اليمني في مجموعة الأزمات الدولية، إن الحرب دمرت اليمن فالحكومة الشرعية تقاتل الحوثيين المدعومين من إيران، ولكن ذلك لا ينبغي أن يحجب الواقع المحلي المعقد الذي يسهم كثيراً في إعاقة جهود السلام.

إختلافات السعودية والإمارات
 وتتابع: "السعودية والإمارات لديهما اختلافات في اليمن؛ فالرياض تتقارب مع حزب الإصلاح اليمني الذي هو أحد أفرع الإخوان المسلمين، وهو حزب مؤثر على الساحة اليمنية، في وقت تعارض أبوظبي أي تعاون مع هذا الحزب". لكن في نفس الوقت أشارت لونغلي إلى أنه ورغم الاختلاف في وجهات النظر بين الرياض وأبوظبي حيال العديد من القضايا في اليمن، فإن "انفصال تحالفهما لم يحن وقته بعد. السعودية والامارات تحاولان الآن أن تنحيا خلافاتهما جانباً، لحين القضاء على الحوثيين واستعادة حكومة هادي سيطرتها".

ومن جانبه، رأى مدير برنامج الخليج في معهد واشنطن سايمون هندرسون، أن "التحالف السعودي الإماراتي كان يدفع برواية تتنافى مع الواقع". وأضاف "الواقع على ما يبدو هو أن الإمارات باتت ساخطةً من هادي، وترسم خططها الخاصة من أجل الجنوب".

 لكن الاقتتال الداخلي في عدن زاد من حالة اليأس من الوصول إلى سلام في أفقر بلد من بلدان الشرق الأوسط، حيث يعاني الملايين من الجوع والمرض؛ وهو ما دفع بالمنظمات الإغاثية إلى وصف ما يجري هناك بأنه أسوأ كارثة إنسانية في العالم.

وتنقل الصحيفة عن جيرالد فيرستين، السفير الأمريكي السابق في اليمن، قوله: إن "القليل من العمل فقط تحقق من أجل استعادة الاستقرار في اليمن، وإن الناس باتوا يشعرون بالإحباط بشكل متزايد". وتابع: "وسط هذه الانقسامات التي يعاني منها اليمن هناك أسئلة يجب أن تطرح حول جدوى أو مصداقية حكومة هادي، كما أن المدى القريب لا يحمل أي أفق للحل في اليمن" مشيراً إلى أن "القتال الذي جرى في عدن سيزيد من تعقيد الجهود الرامية إلى إحياء العملية السياسية".

قلق من الدور الإماراتي
وتقول الصحيفة إن السكان في عدن التي كانت مسرحاً للاشتباكات يشعرون بالقلق من الوجود الإماراتي المتزايد؛ فهم يعتقدون أن أبوظبي تحاول الحصول على مكاسب اقتصادية من خلال السيطرة على موانئ اليمن، وخاصة عدن التي تقع إلى جانب أهم ممرات الشحن الرئيسية.
يقول الصحفي اليمني حسن الجلال، إن الإمارات لديها طموحات في الجنوب خصوصاً في ميناء عدن، ومن هنا فإنها تدعم الحركة الجنوبية الانفصالية.

من جهته يرى الباحث السعودي هشام الغنام، أن على حكومة اليمن المنفية أن تقدم استقالتها إذا كانت غير قادرة على إدارة المعركة مع الحوثيين، وعلى تقديم الخدمات الرئيسية للمواطنين. قائلاً في هذا الصدد: "لقد تلقت حكومة هادي مليارات الدولارات من المساعدات من التحالف الذي تقوده السعودية، ولا أحد يعرف أين ذهبت هذه الأموال. التحالف اليوم بحاجة إلى مزيد من الضغط على الحكومة لتسليم المستحقات إلى الشعب".

وفي ما يخص الجنوبيين وآمالهم في الاستقلال، يقول الغنام إنَّ "عليهم الانتظار حتى تتضح الرؤية". ويُضيف إنَّ السعودية والإمارات، رغم اختلاف نهجيهما ظاهرياً في الجنوب، تتفقان على ضرورة تهدئة أي حركاتٍ ساعية إلى الانفصال. ويتابع الغنام: "لا يمكنك بدء حربٍ أخرى في الجنوب. سيمثل هذا تناقضاً بالنسبة للتحالف العربي"، مضيفاً انَّ اللجوء إلى العنف سيجعل القوات المؤيدة للانفصال "تخدِم أهداف الحوثيين بقصدٍ أو بدون قصد".

ورأى الباحث في معهد "شاتهام هاوس" فارع المسلمي، أنه "قد يكون كلاماً يصعب تصديقه إذا قلنا إن هذه نهاية حكومة هادي.. لكنني أعتقد أنه يمكن القول إن هذه نهاية اليمن الموحد". وأضاف: "لا يعني ذلك بالضرورة بدء قيام دولة اليمن الجنوبي، لكنها نهاية .. شهر العسل السياسي غير المريح في الحرب اليمنية".
 
Top