0

عندما تحيد الأسلحة عن وجهتها.. كيف أصبحت الإمارات العربية المتحدة قناة رئيسية لتوريد المركبات المدرعة، وأنظمة الهاون والبنادق والمسدسات والرشاشات، التي يتم تحويلها بـ …………

شبكة المدى/ اليمن - وأسرار الحرب: 
نشرت منظمة العفو الدولية، الليلة الماضية، تحقيقاً موسعاً، ذكرت فيه أن التحالف العربي الذي تقوده السعودية والإمارات في اليمن، وجماعة الحوثيين (أنصار الله)، يرتكبون انتهاكات للقانون الدولي الإنساني، بحق المدنيين في هذا البلد الذي يعاني حرباً طاحنة منذ قرابة أربع سنوات.
وركز التحقيق المعنون بـ"عندما تحيد الأسلحة عن وجهتها: تحويل نقل الأسلحة إلى جماعة الحوثي، خطر جديد يحدق باليمن" على مواضيع مهمة في هذه الحرب، أبرزها كيف أصبحت الإمارات العربية المتحدة قناة رئيسية لتوريد المركبات المدرعة، وأنظمة الهاون والبنادق والمسدسات والرشاشات، التي يتم تحويلها بطريقة غير مشروعة إلى الحوثيين غير الخاضعة للمساءلة، والمتهمة بارتكاب جرائم حرب وغيرها من الانتهاكات الجسيمة، حد تعبير التحقيق الذي وصف ألوية العمالقة والحزام الأمني وقوات النخبة في جنوب اليمن بـ"المليشيات".
وقال التحقيق الذي اعتمد على استقصاء مصادر المعلومات المتاحة علناً، إن تحالف من دول عربية، تقوده المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية، ويحظى بإمدادات من الولايات المتحدة الأمريكية وكثير من الدول الأوروبية، يرتكب انتهاكاتٍ للقانون الدولي الإنساني، بما في ذلك قصف مناطق سكنية ومستشفيات وأسواق.
وأضاف: "كما ترتكب قوات الحوثيين انتهاكات، بما في ذلك إطلاق النيران من أسلحة غير دقيقة على أحياء سكنية، واستخدام صواريخ متطورة لاستهداف بلدات مدنية في المملكة العربية السعودية، وزرع ألغام
وأشار تحقيق منظمة العفو الدولية التي تتخذ من العاصمة البريطانية لندن مقراً لها، إلى أن الطرفين أعاقا وصول المساعدات الإنسانية الضرورية إلى المدنيين في اليمن الذين هم في أمسِّ الحاجة إليها، فيما تعرَّض معتقلون على أيدي الطرفين للاختفاء القسري والتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة، مؤكداً أن "المدنيين الذين تقطعت بهم السبل بين الأطراف المتحاربة، فقد قُتل آلاف منهم، بينما يتعرض الملايين لخطر المجاعة".
وأوضح التحقيق أنه "خلال أحدث هجوم قبل وقف إطلاق النار في مدينة الحديدة الساحلية غربي اليمن، لجأت قوات الحوثيين، التي تستَّر أفرادها في مناطق مدنية، إلى زرع ألغام في الطرق المؤدية إلى خارج المدينة، ونشر المسلحين في المستشفيات، بينما كانت هجمات قوات التحالف تنهال على المدينة، بما في ذلك مستشفى الثورة يوم 11 نوفمبر/تشرين الثاني 2018، ما دفع مئات المرضى والعاملين بالمستشفى إلى الفرار خوفاً على حياتهم. وكانت قوات "التحالف"، بقيادة المملكة العربية السعودية، تقود الضربات الجوية، بينما كانت قوات الإمارات العربية المتحدة تقود الهجوم البري".
تحقيق منظمة العفو الدولية المدعم بالصور والفيديو والبيانات والـ"انفوجرافيك"، أكد أن القتال المتقطع من أجل السيطرة على ميناء الحديدة أدى إلى إبطاء عملية وصول الإمدادات الحيوية من المساعدات الإنسانية والبضائع الأساسية إلى البلاد التي تتضور جوعاً، ما أدى أيضاً إلى نزوح جماعي لأكثر من مليون مدني من مختلف أنحاء محافظة الحديدة".


الإمارات تزود الميليشيات بأسلحة غربية
ويعيش اليمن منذ قرابة أربع سنوات، صراعاً دموياً على السلطة بين الحكومة "الشرعية" المعترف بها دولياً مدعومة بتحالف عربي عسكري تقوده السعودية والإمارات، وجماعة الحوثيين (أنصار الله) المدعومة من إيران والتي تسيطر على العاصمة صنعاء وأغلب المناطق شمالي البلاد ذات الكثافة السكانية، ما أنتج أوضاعاً إنسانية صعبة، جعلت معظم سكان هذا البلد الفقير بحاجة إلى مساعدات عاجلة، في أزمة إنسانية تعتبرها الأمم المتحدة "الأسوأ في العالم".
ويسلط التحقيق الضوء على الخطر المتصاعد في النزاع باليمن، حيث تقوم الإمارات العربية المتحدة بتسليح "المليشيات" أي جماعة أنصار الله الحوثيين، بشكل متهوّر، بمجموعة من الأسلحة المتطورة، حد وصف التحقيق.
وقال باتريك ويلكين، الباحث ببرنامج الحد من الأسلحة وحقوق الإنسان في منظمة العفو الدولية: "تُوجه انتقادات محقة للولايات المتحدة الأمريكية، ولبريطانيا وفرنسا وغيرها من الدول الأوروبية، بسبب توريد أسلحة إلى قوات التحالف، كما كانت إيران ضالعةً في ارسال أسلحة لقوات الحوثيين.
وفي الوقت نفسه، يبرز خطر جديد. واليمن يتحوّل سريعاً إلى ملاذ آمن للحوثيين المدعومة من الإمارات العربية المتحدة، غير الخاضعة للمحاسبة إلى حد كبير".
وأوضح: "القوات الإماراتية تحصل على أسلحة بمليارات الدولارات من الدول الغربية وغيرها، لتقوم بتحويلها إلى الميليشيات في اليمن، التي لا تخضع للمساءلة إطلاقاً، والمعروفة بارتكابها جرائم حرب. إن انتشار هذه القوات المقاتلة يعد أمرأ كارثياً بالنسبة للمدنيين اليمنيين الذين قُتلوا منهم الآلاف بالفعل، في حين أن الملايين الآخرين أصبحوا على حافة المجاعة كنتيجة مباشرة للحرب".
وأكد التحقيق أن الإمارات العربية المتحدة "تقوم بتدريب وتمويل الجماعات المسلحة المتلقية لصفقات السلاح المريبة تلك - ومن بينها ميليشيات "العمالقة"، و"الحزام الأمني"، و"قوات النخبة" – إلا أن هذه الجماعات ليست مسؤولة أمام أي حكومة. وبعضها متهم بارتكاب جرائم حرب، بما في ذلك خلال الهجوم الأخير على مدينة الحديدة الساحلية، وفي شبكة السجون السرية التي تدعمها الإمارات في جنوب اليمن"، حد قول التحقيق.


دول تورد أسلحة للإمارات
وذكر التحقيق أنه وبحسب معلومات متاحة علناً، منذ اندلاع النزاع في اليمن في مارس/آذار 2015، حصلت الإمارات العربية المتحدة وحدها من عدة دول على ما قيمته 3.5 مليارات دولار على الأقل من الأسلحة، بما فيها الأسلحة التقليدية الثقيلة – ومنها الطائرات والسفن - والأسلحة الصغيرة، والأسلحة الخفيفة، بالإضافة إلى القطع والذخائر المرتبطة بها.
وأردف قائلاً: "على الرغم من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي ارتكبتها الإمارات العربية المتحدة والميليشيات التابعة لها، فقد زودت الدول التالية: أستراليا، وبلجيكا، والبرازيل، وبلغاريا، والجمهورية التشيكية، وفرنسا، وألمانيا وجنوب إفريقيا، وتركيا، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة الأمريكية، وغيرها، الإمارات بالأسلحة مؤخراً".
وأشارت منظمة العفو الدولية إلى أنه قامت بتحليل الأدلة، المستندة إلى مصادر المعلومات المتاحة علنا، حول معركة الحديدة، فوجدت أن المركبات العسكرية والأسلحة الموردّة إلى الإمارات العربية المتحدة تُستخدم الآن على نطاق واسع من قبل الميليشيات المتواجدة على الأرض
وتابع التحقيق قائلاً: تم توثيق مجموعة واسعة من المركبات المدرعة والمجهزة برشاشات ثقيلة، التي تزودها الولايات المتحدة، ومن بينها طرازات "إم أي تي في" و"كايمان" و"ماكس برو"، في أيدي المليشيات المدعومة إمارتياً، وهي "الحزام الأمني"، و"قوات النخبة الشبوانية"، و"العمالقة".
وأضاف: تقوم ميليشيات" العمالقة" باستخدام رشاشات بلجيكية خفيفة من طراز "مينيمي"، على الأرجح أيضاً أن تكون قد بيعت للإمارات العربية المتحدة. ومن الأسلحة الأخرى التي تستخدمها المليشيات المتحالفة مع الإمارات في الحديدة الرشاشات "زاستافا إم" أو "2 كيوت" الصربية الصنع، ومنظومات الهاون السنغافورية المحمولة على شاحنة مدرعة من طراز "أغرب"، والتي يبلغ قطرها 120 ملم، والإمارات العربية المتحدة هي الدولة الوحيدة المعروفة بشراء هذا النظام المشترك للأسلحة.


المواقع السوداء

وأكد التحقيق أن الإمارات، قامت في أماكن أخرى من اليمن، بتدريب وتمويل ما وصفه بـ"المليشيات" بصورة مباشرة، ومن بينها قوات "الحزام الأمني" و"قوات النخبة"، التي تدير شبكة غامضة من السجون السرية المعروفة باسم "المواقع السوداء"، بحسب قول التحقيق.

وأشار التحقيق إلى أن منظمة العفو الدولية، وغيرها، وثَّقت من قبل، دور هذه القوات المدعومة إماراتياً في عمليات الاختفاء القسري وغيرها من الانتهاكات في تلك المواقع السوداء، بما في ذلك الاحتجاز تحت تهديد السلاح، والتعذيب بالصدمات الكهربائية، والإيهام بالغرق، والتعليق من السقف، والإذلال الجنسي، والحبس الانفرادي المطول، والظروف المزرية، وعدم  الحصول على ما يكفي من الطعام والماء.. لافتاً إلى أن "الميليشيات" المدعومة إماراتياً، التي تدير تلك المواقع السوداء، تستخدم بنادق بلغارية وتقود مركبات مدرعة أمريكية الصنع.
وقال التحقيق إن "الإمارات العربية المتحدة أنشأت هيكلاً أمنياً كاملاً موازياً لهيكل الحكومة اليمنية في جنوب اليمن. وبالرغم من قيام دولة الإمارات بتدريب الفصائل والحوثيين في إطار هذا الهيكل وتمويلها وتجهيزها، تتسم هذه الميليشيات بصراعات داخلية ومخططات متنافسة".


انتهاك معاهدة تجارة الأسلحة
وأوضح التحقيق أن العديد من الدول التي تواصل تزويد الإمارات العربية المتحدة بالأسلحة، تعتبر طرفاً في "معاهدة تجارة الأسلحة" العالمية، ولدى البعض منها التزامات قانونية أخرى فيما يخص أعضاء الاتحاد الأوروبي، أو بموجب القوانين المحلية، بعدم نقل أسلحة تُستخدم في ارتكاب جرائم حرب.
واعتبرت منظمة العفو الدولية في تحقيقها، أنه من خلال الاستمرار في نقل الأسلحة إلى الإمارات العربية المتحدة، وعلى الرغم من الأدلة الدامغة بأن هذه الأسلحة يتم استخدامها في جرائم الحرب والانتهاكات الجسيمة الأخرى في اليمن، فإن تلك الدول تتجاهل التزاماتها في معاهدة تجارة الأسلحة وغيرها من الإلتزامات.
ودعت منظمة العفو الدولية جميع دول العالم إلى وقف توريد الأسلحة إلى جميع أطراف النزاع في اليمن، إلى أن يتبين عدم وجود خطر جوهري في احتمال أن تُستخدم تلك المعدات في ارتكاب، أو تسهيل ارتكاب، انتهاكات جسيمة للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، منوهةً بإعلان كل من الدنمارك وفنلندا وهولندا والنرويج مؤخراً، تعليق عمليات نقل الأسلحة إلى الإمارات.
وقال باتريك ويلكين، الباحث ببرنامج الحد من الأسلحة وحقوق الإنسان في منظمة العفو الدولية: "مع اقتراب عقد الجولة المقبلة من محادثات السلام حول صراع اليمن، يتعين على الدول الموردة للأسلحة أن تفكر بجدية كيف أن استمرار عمليات نقل الأسلحة يغذي بشكل مباشر وغير مباشر جرائم الحرب وغيرها من الانتهاكات الجسيمة؛ فانتشار الميليشيات التي لا تخضع للمساءلة، والمدعومة إماراتياً، يزيد من تفاقم الأزمة الإنسانية، ويشكل تهديداً متزايداً للسكان المدنيين".
واختتم قائلاً: "لم تفعل سوى قلة من البلدان الشيء الصحيح، فأوقفت نقل الأسلحة إلى الصراع المدمر في اليمن. ويجب على الآخرين أن يحذوا حذوها، أو سيتحملون المسؤولية عن الخسائر الفادحة التي تقع في صفوف المدنيين في اليمن من جراء نقل ما قيمته مليارات الدولارات من الأسلحة".

إرسال تعليق

 
Top